ركبت المترو من محطة حدائق الزيتون ، كان المترو فاضي شوية فجلست في أحد المقاعد .. شغلت مزيكتي بصوت عالي ، طلعت كتاب من الشنطة أقرأ فيه شوية ، أبتدأت أنظر في وجوه الأشخاص اللي حواليا ، الوجوه معظمها عابسة ، كئيبة ، محبطة ..
المهم رجعت لكتابي بدل الغم ده ..
أنتبهت لحد بيخبطي علي كتفي ، وإذا برجل يبلغ الستين من عمره تقريبا يجلس بجواري ولم ألاحظه ، رفعت السماعة ، لقيته بيقولي خد بقسماط .. قولتله شكرا يا حاج ، عزم علي معظم الناس اللي جنبي ، كلهم شكروه و محدش أخد ..
أما هذا الرجل فكان نحيف قصير القامة ، يلبس جلابيه فانية مقطعة في بعض أجزاءها ، قالع الشبشب و حاطط رجله عليه ، يرتدي شاش أبيض فوق رأسه ، لم يمتلك شيئا سوي كيس أبيض شفاف به أربع أو خمس بقسماطات ، وجهه يدل علي تعب و أرهاق ، يعني أقدر أقول أحد الأشخاص الذين أزدري بهم الزمن !
دخل طفل حوالي 15 سنة بيبيع جرايد في محطة الدمرداش ، وأشتغل ينده علي الجرايد ، لم أستطيع أن أميز صوته علشان الأم بي ثري كان صوته عالي بس كانت عينايا معاه .. دخل و وصل لآخر العربية محدش أشتري منه ، قام الراجل المسكين ده نده عليه قبل ما ينزل ، فجه بياع الجرايد بيضحكله من منظره .. فقاله بكام الجرنان ؟ ، قاله بجنية و ربع يابا ، قام طلع جنيه وربع و أداهملوا ، و أخد الجرنان .. بعد شوية في صورة في أول صفحة من فوق ، فبيسألني أيه المكتوب علي الصورة دى .. فبصتله بإندهاش .. قولتله : الخبر بيقول كذا كذا ، بص كده و سكت و قعد يقلب في باقي الجرنان ..
فبقوله : يا حاج هو أنت مش بتعرف تقرأ ، قالي : ولا أقرأ و لا أكتب و الله يا ولدي ،، قولتله : طيب ليه أشتريت الجرنال !؟
قالي : الواد بتاع الجرايد محدش نفعه بنكله ، الواد قاعد يلف في البرد ، و سايب أهله علشان أكل عيشه .. فقولت مكسرش بخاطره و أشتريت منه الجرنال ! ، أتصدمت من رده و صمت ، نزلت محطة السادات مش عارف نفسي حزين ولا سعيد ، تركت الرجل يعاني السلام الداخلي رغم أنف الظروف المحيطة به ، يشعر بالرحمة و الأشفاق رغم قساوة قلوب الآخرين !
حقا إنه رجل ليس من سكان هذا الكوكب المزعج !
أنا زعلان علي نفسي
تعليقات
إرسال تعليق